عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: { لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخواناً، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يكذبه، ولا يحقره، التقوى ها هنا } ويشير إلى صدره ثلاث مرات { بحسب امرىء أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه }. [رواه مسلم:2564].
الى الشرح :
قوله: { لا تحاسدوا } هذا نهي عن الحسد، والحسد هو كراهية ما انعم الله على أخيك من نعمة دينية أو دنيوية سواء تمنيت زوالها أم لم تتمن، فمتى كرهت ما أعطى الله أخاك من النعم فهذا هو الحسد. { ولا تناجشوا } قال العلماء: المناجشه أن يزيد في السلعة، أي: في ثمنها في المناداة وهو لا يريد شراءها وإنما يريد نفع البائع أو الإضرار بالمشتري. { ولا تباغضوا } البغضاء هي الكراهه، أي: لايكره بعضكم بعضاً. { ولا تدابروا } أن يولي كل واحد الآخر دبره بحيث لا يتفق الاتجاه. { ولا يبع بعضكم على بيع بعض } يعني لا يبيع أحد على بيع أخيه، مثل أن يشتري إنسان سلعه بعشرة فيذهب آخر على المشتري ويقول: أنا أبيع عليك بأقل؛ لأن هذا يفضي إلى العداوة والبغضاء. { وكونوا عباد الله إخواناً } كونوا يا عباد الله إخواناً أي: مثل الإخوان في المودة والمحبة والألفة وعد الاعتداء ثم أكد هذه الاًخوة بقوله: { المسلم أخو المسلم } للجامع بينهما وهوالإسلام وهو أقوى صله تكون بين المسلمين. { لا يظلمه ] أي: لا يعتدي عليه. { ولا يخذله } في مقام أن ينتصر فيه. { ولا يكذبه } أي: يخبرهبحديث كذب. { ولا يحقره } أي: يستهين به. { التقوى ها هنا } يعني: تقوى الله تعالى محلها القلب فإذا اتقى القلب اتقت الجوارح - و يشير إلى صدره ثلاث مرات - يعني: يقول: التقوى ها هنا، التقوى ها هنا، التقوى ها هنا. ثم قال: { بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم } بحسب يعني: حسب فالباء زائدة والحسب الكفاية والمعنى لو لم يكن من الشر إلا أن يحقر أخاه لكان هذا كافياً. { المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه } دمه فلا يجوز أن يعتدي عليه بقتل أو فيما دون ذلك. { وماله } لا يجوز أن يعتدي على ماله بنهب أو سرقه أو جحد أو غير ذلك. { وعرضه } أي: سمعته فلا يجوز أن يغتابه فيهتك بذلك عرضه. فوائد الحديث: النهي عن الحسد، والنهي للتحريم، والحسد له مضار كثيرة منها: أنه كره لقضاء الله وقدره، ومنها أنه عدوان على أخيه، ومنها أنه يوجب في قلب الحاسد حسره؛ كلما ازدادت النعم ازدادت هذه الحسرة فيتنكد على عيشه. ومن الفوائد: تحريم المناجشة لما فيها من العدوان على الغير وكونها سبباً للتباغض وأسبابه، فلا يجوز للإنسان أن يبغض أخاه أو أن يفعل سبباً يكون جالباً للبغض. ومن فوائد الحديث: تحريم التدابر، و هو أن يولي أخاه ظهره ولا يأخذ منه ولا يستمع إليه؛ لأن هذا ضد الأخوة الإيمانية. ومن فوائده: تحريم البيع على البيع المسام ومثله الشراء على شرائه والخطبة على خطبته والإجارة على إجارته وغير ذلك من حقوقه. ومنها: وجوب تنمية الأخوة الإيمانية لقوله: { وكونوا عباد الله إخوانا } ومنها بيان حال المسلم مع أخيه وأنه لا يظلمه ولا يخذله ولا يكذبه ولا يحقره؛ لأن هذا ينافي الأخوة الإيمانية. ومن فوائده: أن محل التقوى هو القلب، فإذا اتقى القلب اتقت الجوارح وليعلم أن هذه الكلمة يقولها بعض الناس إذا عمل معصية وأنكر عليه قال: ( التقوى ها هنا !) وهي كلمة حق لكنه أراد بها باطلاً وهذا جوابه أن نقول: لو كان هنا تقوى لاتقت الجوارح لأن النبي يقول: { ألا إن في الجسد مضغه إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله آلا وهى القلب }. ومن فوائد هذا الحديث: تكرار الكلمة المهمة لبيان الاعتناء بها وفهمها، قال: { التقوى ها هنا } وأ شار إلى صدره ثلاث مرات. ومن فوائده: عظم احتقار المسلم، لقول النبي : { بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم } وذلك لما يترتب على احتقار المسلم من المفاسد. ومن فوائد الحديث: تحريم دم المسلم وماله وعرضه وهذا هو الأصل، لكن توجد أسباب تبيح ذلك؛ ولهذا قال الله سبحانه وتعالى: إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ [الشورى:42]. وقال تعالى: وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ [الشورى:41]. ومن فوائده: أن الأمة الإسلامية لو اتجهت بهذه التوجيهات لنالت سعادة الدنيا والآخرة لأنها كلها آداب عظيمة عالية راقية، تحصل بها المصالح وتنكف بها المفاسد.
عاشق الجنة مشرف الساحة الاسلاميه
عدد الرسائل : 358 العمر : 66 علم البلد : تاريخ التسجيل : 20/06/2007
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي قال: { من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسّر على معسر يسّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلي الجنه، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم؛ إلا نزلت عليهم السكينه، وغشيتهم الرحمه، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده، ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه }. [رواه مسلم:2699] بهذا اللفظ.
الى الشرح : قال النووي رحمه الله تعالى في الأربعين النووية الحديث السادس والثلاثون، عن أبى هريرة عن النبي قال: { من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يوم } والكرب يعني: الشدة والضيق والضنك، والتنفيس معناه: إزالة الكربة ورفعها، وقوله: { من كرب الدنيا } يعم المالية والبدنية والأهلية والفردية والجماعية. { نفس الله عنه } أي: كشف الله عنه وأزال. { كربة من كرب يوم القيامة } ولا شك أن كرب يوم القيامة أعظم وأشد من كرب الدنيا، فإذا نفس عن المؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة. { ومن يسر على معسر } أي: سهل عليه وأزال عسرته. { يسر الله عليه في الدنيا والآخرة } وهنا صار الجزاء في الدنيا والآخرة وفي الكربكربة من كرب يوم القيامة ؛ لان كرب يوم القيامة عظيمة جدا. { ومن ستر مسلماً } أي: ستر عيبه سواء أكان خلقيا أو خلقيا أودينيا أو دنيويا إذا ستره وغطاه حتى لا يتبن للناس. { ستره الله في الدنيا والآخرة } أي: حجب عيوبه عن الناس في الدنيا والآخرة. ثم قال كلمة جامعه مانعة قال: { والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه } أي: أن الله تعالى يعين الإنسان على قد معونته أخيه كما وكيفا وزمنا، فما دام الإنسان في عون أخيه فالله في عونه، وفي حديث آخر: { من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته }. و قوله: { من سلك طريقا يلتمس فيع علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة } يعني: من دخل طريقا وصار فيه يلتمس العلم والمراد به العلم الشرعي، سهل الله له به طريقا إلى الجنة، لان الإنسان علم شريعة الله تيسر عليه سلوكها، ومعلوم أن الطريق الموصل إلى الله هو شريعته، فإذا تعلم الإنسان شريعة الله سهل الله له به طريقا إلى الجنة. { وما اجتمع قوم قي بيت من بيوت الله } المراد به المسجد فإن بيوت الله هي المساجد، قال الله تعالى: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ [النور:36]، وقال تعالى: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [الجن18]، وقال: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ [البقرة:114] ... فأضاف المساجد إليه؛ لأنها موضع ذكره. قوله: { يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم } يتلونه: يقرءونه ويتدارسونه أي: يدرس بعضهم على بعض. { إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة } نزلت عليهم السكينة يعني: في قلوبهم وهي الطمأنينة والاستقرار، وغشيتهم الرحمة: غطتهم وشملتهم. { وحفتهم الملائكة } صارت من حولهم. { وذكرهم الله فيمن عنده } أي: من الملائكة. { ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه } أي: من تأخر من أجل عمله السيئ فإن نسبه لا يغنيه ولا يرفعه ولا يقدمه والنسب هوالانتساب إلى قبيلة ونحو ذلك. في هذا الحديث فوائد : الترغيب في تنفيس الكرب عن المؤمنين لقوله : { من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة }. ومن فوائده: الإشارة الى يوم القيامة وأنها ذات كرب وقد بين ذلك الله تعالى في قوله: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عظيم * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ [الحج:2،1]. ومن فوائد هذا الحديث: تسمية ذلك اليوم بيوم القيامة ؛ لأنه يقوم فيه الناس من قبورهم لرب العالمينو يقام فيه العدل و يقوم الأشهاد . ومن فوائد الحديث: الترغيب في التيسير على المعسرين لقوله : { من يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخره } والتيسير على المعسر يكون بحسب عسرته؛ فالمدين مثلا الذي ليس عنده مالا يوفي به يكون التيسيرعليه إما بإنظاره ، و إما بإبرائه و إبراؤه أفضل من إنظاره ، و التيسير على من أصيب بنكبة أن يعان في هذه النكبة و يساعد و تهون عليه المصيبة و يعود بالأجر و الثوابوغير ذلك ، المهم أن التيسير يكون بحسب العسرة التي أصابت الإنسان. ومن فوائد هذا الحديث: الترغيب في سترالمسلم لقوله : { من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة } والمراد بالستر: هو إخفاء العيب، ولكن الستر لا يكون محمودا إلا إذا كان فيه مصلحة ولم يتضمن مفسده، فمثلا المجرم إذا أجرم لا نستر عليه إذا كان معروفا بالشر والفساد، ولكن الرجل الذي يكون مستقيما في ظاهره ثم فعل ما لا يحل فهنا قد يكون الستر مطلوبا؛ فالستر ينظر فيه إلى المصلحة، فالإنسان المعروف بالشر والفساد لا ينبغي ستره، والإنسان المستقيم في ظاهره ولكن جرى منه ما جرى هذا هو الذي يسن ستره. ومن فوائد الحديث: الحث على عون العبد المسلم وأن الله تعالى يعين المعين حسب إعانته لأخيه لقوله : { والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه } وهذه الكلمة يرويها بعض الناس: ما دام العبد ولكن الصواب ما كان العبد في عون أخيه كما قال . ومن فوائد الحديث: الحث على طلب العلم لقوله : { من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة } وقد سبق في الشرح معنى الطريق وأنه قسمان حسي ومعنوي. ومن فوائد الحديث: فضيلة اجتماع الناس على قراءة القران لقوله: { وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله }. ومن فوائد الحديث: أن حصول هذا الثواب لا يكون إلا إذا اجتمعوا في بيت الله أي: في مسجد من المساجد لينالوا بذلك شرف المكان لأن أفضل البقاع مساجدها. ومن فوائد الحديث: بيان حصول هذا الأجر العظيم تنزل عليهم السكينة وهي الطمأنينة القلبية وتغشاهم الرحمة أي: تغطيهم وتحفهم الملائكة أي: تحيط بهم من كل جانب ويذكرهم الله فيمن عنده من الملائكة لأنهم يذكرون الله تعالى عن ملأ، وقد قال الله تعالى في الحديث القدسي: { من ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم }. من فوائد الحديث: أن النسب لا ينفع إذا لم يكن العمل الصالح لقوله: { من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه }. ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي للإنسان أن لا يغتر بنفسه وأن يهتم بعمله الصالح حتى ينال به الدرجات العلى.
عاشق الجنة مشرف الساحة الاسلاميه
عدد الرسائل : 358 العمر : 66 علم البلد : تاريخ التسجيل : 20/06/2007
عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن رسول الله فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى، قال: { إن الله تعالى كتب الحسنات والسيئات، ثم بين ذلك، فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن هم بها فعملها كتبها الله تعالى عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، وإن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن هم بها فعملها كتبها الله عنده سيئة واحدة }. [رواه البخاري:6491، ومسلم:131 في صحيحيهما بهذه الحروف].
الى الشرح :
الحديث السابع والثلاثون عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن رسول الله فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى قال: { إن الله كتب الحسنات والسيئات } إذا عبر الصحابي بمثل هذا التعبير أي عن النبي فيما يرويه أو فيما رواه عن ربه فإنه يسمى عند أهل العلم حديثاً قدسياً. وقوله: { إن الله كتب الحسنات والسيئات } أي: كتب ثوابهما وكتب فعلهما فهو الذي كتب الحسنات؛ لأن الله تعالى حين خلق القلم قال له: ( اكتب ) قال: رب، وماذا أكتب ؟ قال: ( اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة ) فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة، وظاهر سياق الحديث أن المراد بهذه الكتابة الثانية، وهي كتابة الثواب لقوله: { ثم بين ذلك } أي: وضحه بالتفصيل. فقال: { فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كالمة } الهم يعني: الإرادة، أراد الإنسان أن يعمل حسنة ولكنه لم يعملها. ففي هذا الحديث فوائد: أن الله كتبها حسنة كاملة يعني: لا نقص فيها. وقد دلت الأدلة على أنه إذا هم بالحسنة فلم يعملها فإن كان عاجزاً عنها أي: تركها عجزاً بعد أن شرع فيها فإنه يكتب له الأجر كاملاً لقوله تبارك وتعالى: وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ [النساء:100]. وأما إذا هم بها ثم عدل عنها لكسل أو نحوه فإنه كذلك كما في هذا الحديث يكتب له حسنة كاملة وذلك بنيته الطيبة، قال: { وإن هم بها فعملها كتبها الله عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة } إذا هم بها وعملها وأحسن في عمله بأن كان مخلصاً متبعاً لرسول الله فإن الله يكتبها عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة وهذه المضاعفة تأتي بحسب حسن العمل والإخلاص فيه وقد تكون فضلاً من الله سبحانه وتعالى وإحساناً. قال تعالى: مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [البقرة:261] وقال: { وإن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن هم بها فعملها كتبها الله سيئة واحدة } وإن هم بسيئة فلم يعملها فإنه يكتب له حسنة كاملة وذلك فيما تركه الله كما في بعض ألفاظ الحديث { لأنه تركها من جرائي } أي: من أجلي وقد دلت الأدلة على أن من هم بالسيئة فلم يعملها فإنه ينقسم إلى ثلاث أقسام: القسم الأول: أن يحاول فعلها ويسعى فيه ولكن لم يدركه لأن يكتب عليه وزر السيئة كاملة. القسم الثاني: إن بها ثم يعزف عنها لا خوفا من الله ولكن لأن نفسه عزفت فهذا يكتب له ولا عليه. القسم الثالث: أن يتركها لله عز وجل خوفاً منه وخشية فهذا كما جاء في هذا الحديث يكتبها الله حسنة كاملة. قال: { وإن هم بها فعملها كتبها الله سيئة كاملة } ويشهد لهذا قوله تعالى: مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا [الانعام:160] وهذا الحكم بالنسبة للسيئة أي: أنها تكون سيئة واحدة في مكة وغيرها وفي كل زمن إلا في الأشهر الحرم ولكنها في مكة تكون أشد وأعظم لهذا قال الله تعالى: وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ [الحج:25]. وقال العلماء: إن الحسنات والسيئات تضاعف في كل زمن فاضل وفي كل مكان فاضل ولا تضاعف بالعدد لقوله تعالى: مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا [الانعام:160] ولهذا الحديث الذي ساقه المؤلف - رحمه الله - إن الله يكتبها سيئة واحدة. قال المؤلف: ( رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما بهذه الحروف ). أي: أن المؤلف - رحمه الله - ساقه بلفظه وأكد ذلك - رحمه الله - لما في الحديث من البشارة العظيمة والإحسان العظيم. ومن فوائد الحديث: حديث عبد الله بن عباس عن رسول الله عن ربه يسمى عند أهل العلم حديثاً قدسياً. ومن فوائده: أن الله سبحانه وتعالى كتب للحسنات جزاء وللسيئات جزاء، وهذا من تمام عدله وإحكامه جل وعلا للأمور. ومن فوائد الحديث: أن رحمة الله سبقت غضبه حيث جعل الحسنة بعشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، وأما السيئة فواحدة. ومن فوائد هذا الحديث: الفرق بين الهم بالحسنة والهم بالسيئة فالحسنة إذا هم بها الإنسان ولم يعملها كتب الله عنه حسنة كاملة وهذا مما إذا تركها لغير عذر فإنه يكتب له الأجر كاملاً أجر النية وإذا كان من عادته أن يعملها ولكن تركها لعذرفإنه يكتب له الأجر كاملاً أجر النية والعمل؛ لحديث { من مرض أو سافر له ما كان يعمل صحيحاً قائماً }. أما السيئة فالهمام بها إذا تركها لله عز وجل كتبها الله عنده حسنة كاملة وإن تركها له ولا عليه، وإن تركها عجزاً عنها كتب له وزر الفاعل بالنية إلا إذا كان قد سعى فيها ولكن عجز بعد السعي فإنه يكتب له عقوبة السيئة كاملة لقول النبي : { إذا التقى المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار } قالوا: يا رسول الله، هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: { لأنه كان حريصاً على قتل صاحبه }.
عاشق الجنة مشرف الساحة الاسلاميه
عدد الرسائل : 358 العمر : 66 علم البلد : تاريخ التسجيل : 20/06/2007
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: { إن الله تعالى قال: من عادى لي وليّاً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتي أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر فيه، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعـطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه }. [رواه البخاري:6502].
الى الشرح :
قوله: { إن الله تعالى قال: من عادى لي وليّاً فقد آذنته بالحرب } هذا الحديث حديث قدسي لأن النبي رواه عن ربه وكل حديث رواه النبي عم ربه يسمى عند العلماء حديثاً قدسياً. المعاداة ضد الموالاة، والولي ضد العدو وأولياؤه سبحانه وتعالى هم المؤمنون المتقون ودليله قوله تعالى: أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ [يونس62-63]. وقوله: { آذنته } يعني: أعلمته أي: إني أعلنت الحرب، فيكون من عادى ولياً من أولياء الله فقد آذن الله تعالى بالحرب وصار حرباً لله، ثم ذكر تبارك وتعالى أسباب الولاية فقال: { وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إلى مما افترضته عليه } يعني: ما عبدني أحد بشيء أحب إلى مما افترضته عليه لأن العبادة تقرب إلى الله سبحانه وتعالى فمثلاً ركعتان من الفريضة أحب إلى الله من ركعتين نفلاً، ودرهم من زكاة، أحب إلى الله من درهم صدقة، حج فريضة أحب إلى الله من حج تطوع، صوم رمضان أحب إلى الله من صوم تطوع، وهلم جرى ولهذا جعل الله تعالى الفرائض لازمة في العبادة مما يدل على آكاديتها ومحبته لها. { ولا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل } يعني: الفرائض والفعل { لا يزال } يدل على الاستمرار يعني: ويستمر { عبدي يتقرب إليّ بالنوافل } يعني: بعد الفرائض حتى أحبه الله، { حتى } تحتمل هنا الغاية وتحتمل التعليل فعلى الأول يكون المعنى: أن تقربه إلى الله يوصله إلى محبة الله، وعلى الثاني يكون المعنى: لا يزال يتقرب إليّ بالنوافل ويكون هذا التقرب سبباً لمحبته والغاية واحدة. { فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به } أي: سددته في كل ما يسمع فلا يسمع إلا ما فيه الخير له وليس المعنى أن الله يكون سمع الإنسان لأن سمع الإنسان صفه من صفاته أي: صفات الإنسان محدث بعد أن لم يكن، وهو صفة فيه أي: في الإنسان وكذلك يقال في { بصره الذي يبصر به } أي: أن الله فيما يرى إلا ما كان فيه خير ولا ينظر إلا إلى ما كان فيه خير. { ويده التي يبطش بها } يقال فيها ما سبق في السمع أي: أن الله تعالى يسدده في بطشه وعمله بيده فلا يعمل إلى ما فيه الخير. { ولئن سألني } أي: دعاني بشيء وطلب مني شيئا { لأعطينه }. { ولئن استعاذني لأعيذنه } فذكر السؤال الذي به حصول المطلوب، والاستعاذة التي بها النجاة من المهروب وأخبر أنه سبحانه وتعالى يعطي هذا المتقرب إليه بالنوافل يعطيه ما سأل ويعيذه مما استعاذ. من فوائد الحديث: وأعني الحديث الثامن والثلاثين فيه فوائد أولا: إثبات الولاية لله عز وجل أي: أن لله تعالى أولياء وهذا قد دل عليه القرآن الكريم قال الله تعالى: أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ [يونس:63،62]. ومن فوائد الحديث: كرامة الأولياء على الله حيث كان الذي يعاديهم قد آذن الله بالحرب. ومن فوائد هذا الحديث: أن معاداة أولياء الله من كبائر الذنوب لأن الله جعل ذلك إيذانا بالحرب. ومن فوائد الحديث: أن الفريضة أحب إلى الله من النافلة لقوله: { وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه }. ومن فوائد الحديث: الإشارة إلى أن أوامر الله عز وجل نوعان: فرائض، نوافل. ومن فوائد الحديث: إثبات المحبة لله عز وجل لقوله: { أحب إليّ مما افترضته عليه } والمحبة صفة قائمة بذات الله عز وجل ومن ثمراتها الإحسان إلى المحبوب وثوابه وقربه من الله عز وجل. ومن فوائد الحديث: أن الأعمال تتفاضل هي بنفسها. ومن فوائد الحديث: الدلالة على ما ذهب إليه أهل السنة والجماعة من أن الإيمان يزيد وينقص لأن الأعمال من الإيمان فإذا كانت تتفاضل في محبة الله لها يلزم من هذا أن الإيمان يزيد وينقص بحسب تفاضلها. ومن فوائد الحديث: أن في محبة الله عز وجل تسديد العبد في سمعه وبصره ويده ورجله مؤيدا من الله عز وجل. ومن فوائد هذا الحديث: أنه كلما ازداد الإنسان تقرباً إلى الله بالأعمال الصالحة فإن ذلك أقرب إلى إجابة دعائه واعاذته مما يستعيذ الله منه لقوله تعالى في الحديث: { ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه }.
عاشق الجنة مشرف الساحة الاسلاميه
عدد الرسائل : 358 العمر : 66 علم البلد : تاريخ التسجيل : 20/06/2007
الحديث التاسع والثلاثون: التجاوز عن الخطأ والنسيان
عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله قال: { إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه }. [حديث حسن رواه ابن ماجه:2045، والبيهقي في السنن:7/356، وغيرهما].
الى الشرح : قوله: { تجاوز } بمعنى: عفا، { الخطأ } فعل الشيء عن غير قصد، { النسيان } ذهول القلب عن شيء معلوم، والاستكراه إلجاء الإنسان، وهذه ثلاثة أشياء بين فيها النبي أن الله تجاوز عن أمته هذه الأشياء الثلاثة وقد دل على ذلك القرآن قال الله تعالى: رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286] فقال الله: ( قد فعللت )، وقال الله تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ [الأحزاب:5] وقال تعالى: مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [النحل:106]. فيستفاد من هذا الحديث فوائد:
منها سعة رحمة الله عز وجل وأن رحمته سبقت غضبه، ومنها أن الإنسان إذا فعل الشيء خطأً فإنه لا يؤاخذ عليه ولكن إن كان محرماً فإنه لا يترتب عليه إثم ولا كفارة ولا فساد عبادة وقع فيها، وأما إن كان ترك واجب فإنه يرتفع عنه الإثم ولكن لا بد من تدارك الواجب. ومن فوائد الحديث: أن من أكره على شيء قولي أو فعلي فإنه لا يؤاخذ به لقوله : { وما استكرهوا عليه } وهذا عام سواء كان الإكراه على فعل أو على قول ولا دليل لمن فرق بين الإكراه على الفعل والإكراه على القول، ولكن إذا كان الإكراه في حق آدمي فإنه يعامل بما تقتضيه الأدلة الشرعية مثل: أن يكره شخصاً على قتل شخص آخر فإنه يقتل المكره لأن الإكراه لا يبيح قتل الغير ولا يمكن ولا يجوز للإنسان أن يستبقي حياته بإتلاف غيره.
عاشق الجنة مشرف الساحة الاسلاميه
عدد الرسائل : 358 العمر : 66 علم البلد : تاريخ التسجيل : 20/06/2007
عـن ابـن عـمـر رضي الله عـنهـما، قــال: أخـذ الرسول صلي الله عـلية وسلم بمنكبي، فقال: { كن في الدنيا كـأنـك غـريـب أو عـابـر سبـيـل }. وكـان ابـن عـمـر رضي الله عـنهـما يقول: ( إذا أمسيت فلا تـنـتـظـر الصباح، وإذا أصبحت فلا تـنـتـظـر المساء، وخذ من صحـتـك لـمـرضـك، ومن حـياتـك لـمـوتـك ). [رواه البخاري:6416].
الى الشرح : الحديث الأربعون عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ( أخذ رسول الله بمنكبي ) يعني: أمسك بهما لأجل أن يسترعي انتباهه ليحفظ ما يقول فقال له: { كن في الدنيا كأنك غريب، أو عابر سبيل } الغريب: المقيم في البلد وليس من أهلها، أو عابر سبيل: هو الذي مر بالبلد، وهو ماشي مسافر، ومثل هؤلاء - أعني الغريب أو عابر سبيل - لا يتخذ هذا البلد موطناً ومستقراً، لأنه مسافر فأخذت هذه الموعظة من عبدالله بن عمر رضي الله عنهما ما أخذت من قلبه ولهذا كان يقول: ( إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء ) يعني إذا أمسيت فلا تقول: سوف أبقى إلى الصباح، كم من إنسان أمسى ولم يصبح، وكذلك قوله: ( وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء ) فكم من إنسان أصبح ولم يمسي ومراد بن عمر في ذلك: أن ينتهز الإنسان الفرصة للعمل الصالح حتى لا تضيع عليه الدنيا وهو لا يشعر. قال: ( وخذ من صحتك لمرضك ) يعني: بادر في الصحة قبل المرض فإن الإنسان ما دام صحيحاً يسهل عليه العمل، لأنه صحيح منشرح الصدر منبسط النفس، والمريض يضيق صدره ولا تنبسط نفسه فلا يسهل عليه العمل. قال: ( ومن حياتك لموتك ) أي انتهز الحياة ما دمت حياً قبل أن تموت لأن الإنسان إذا مات انقطع عمله صح ذك عن النبي حيث قال: { إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علمٍ ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له }. ومن فوائد هذا الحديث: أنه ينبغي للإنسان أن لا يجعل الدنيا مقر إقامه لقوله: { كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل }. ومن وفوائده: أنه ينبغي للعاقل مادام باقياً والصحة متوفرة أن يحرص على العمل قبل أن يموت فينقطع عمله، ومنها أنه ينبغي للمعلم أن يفعل الأسباب التي يكون فيها انتباه المخاطب لأن النبي أخذ بمنكبي عبدالله بن عمر رضي الله عنهما. ومن وفوائد الحديث: فضيلة عبدالله بن عمر رضي الله عنهما حيث تأثر بهذه الموعظة من رسول الله .
عاشق الجنة مشرف الساحة الاسلاميه
عدد الرسائل : 358 العمر : 66 علم البلد : تاريخ التسجيل : 20/06/2007
موضوع: رد: الاربعين نووية وشرحها الجمعة سبتمبر 07, 2007 8:29 pm
الحديث الحادي والأربعون: اتباع النبي صلى الله عليه وسلم
عن أبي محمد عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: { لا يؤمن أحدكم حتي يكون هواه تبعاً لما جئت به }. [حديث حسن صحيح. رويناه في كتاب الحجة بإسناد صحيح].
الى الشرح : قوله: { لا يؤمن } أي لايؤمن الإيمان الكامل، وليس المراد نفي الإيمان بالكلية. وقوله: { حتى يكون هواه } أي: ميله وإرادته. وقوله: { تبعاً لما جئت به } أي: لما جاء به من الشرع فلا يلتفت إلى غيره. قال المؤلف: ( حديث صحيح رويناه في كتاب الحجة بإسناد صحيح ). في الحديث فوائد منها: أن الإيمان قد ينفى عن من قصر في بعض واجبه فقوله: { لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به } وهذا موقوف على ما ورد به الشرع، فليس للإنسان أن ينفي الإيمان عن الشخص بمجرد أنه رآه على معصية حتى يثبت بذلك دليل شرعي. ومن فوائد هذا الحديث: وجوب الانقياد لما جاء به النبي . ومن فوائده: أنه يجب تخلي الإنسان عن هواه المخالف لشريعة الله. ومن فوائده: أنه الإيمان يزيد وينقص كما هو مذهب أهل السنة والجماعة.
عاشق الجنة مشرف الساحة الاسلاميه
عدد الرسائل : 358 العمر : 66 علم البلد : تاريخ التسجيل : 20/06/2007
اليوم وصلنا الى الحديث الاخير الثاني والاربعون : سعة مغفرة الله
عن أنس قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: { قال الله تعالى: يا ابن آدم ! إنك ما دعـوتـني ورجوتـني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم ! لو بلغـت ذنـوبك عـنان السماء، ثم استغـفـرتـني غـفـرت لك، يا ابن آدم ! إنك لو اتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتـني لا تـشـرك بي شيئاً لأتـيـتـك بقرابها مغـفـرة }. [رواه الترمذي:3540، وقال: حديث حسن صحيح].
الى الشرح : هذا الحديث من الأحاديث القدسية التي يرويها النبي عن ربه أنه قال جل وعلا: { يا بن آدم } الخطاب لجميع بني آدم، { إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك }، { ما } شرطية يعني: متى دعوتني ورجوتني. { دعوتني } أي: سألتني أن أغفر لك. { رجوتني } رجوت مغفرتي ولم تيأس، { غفرت لك } هذا جواب الشرط والمغفرة ستر الذنب والتجاوز عنه أي: أن الله يستر ذنبك عن الناس ويتجاوز عنك فلا يعاقبك. وقوله: { على ما كان منك ولا أبالي } يعني على ما كان منك من المعاصي وهذا يشهد له قوله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53]. { يا بن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء } يعني: لو بلغت أعلى السماء، { ثم استغفرتني غفرت لك } يعني: مهما عظمت الذنوب حتى لو وصلت السماء بكثرتها ثم استغفرت الله بصدق وإخلاص وافتقار غفر الله لك. { يا بن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة } قرابها يعني قرب ملئها إذا لقي الإنسان ربه عزوجل بقراب الأرض أي: ملئها أو قربها خطايا لكنها دون الشرك ولهذا قال: { ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مفغرة } وهذا يدل على فضيلة الإخلاص وأنه سبب لمغفرة الذنوب. في هذا الحديث من الفوائد: أن الإنسان مهما دعا الله بأي شيء ورجا الله في أي شيء إلا غفر له. ومن فوائده: بيان سعة فضل الله عزوجل . ومن وفوائده; أن الذنوب وإن عظمت إذا استغفرالإنسان ربه منها غفرها الله له . ومن فوائد هذا الحديث: فضيلة الإخلاص وأنه سبب لمغفرة الذنوب وقد قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48]. فنسأل الله تعالى أن يعمنا جميعاً بمغفرته ورضوانه وأن يهب لنا منه رحمته إنه هو الوهاب. اسأل الله أن يكون العمل خالصا لوجهه الكريم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته