منتديات تارما
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات تارما

منتدى لكل العرب
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 قصة هود علية السلام

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Tarma
Admin
Admin
Tarma


عدد الرسائل : 407
علم البلد : قصة هود علية السلام Egypt
تاريخ التسجيل : 20/04/2007

قصة هود علية السلام Empty
مُساهمةموضوع: قصة هود علية السلام   قصة هود علية السلام Emptyالجمعة أبريل 27, 2007 11:06 pm

وهو بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح عليه السلام. ويقال: إن هود هو عامر بن شالخ بن أرفخشذ بن
سام بن نوح، ويقال: هود بن عبد الله بن رباح الجارود بن عاد بن عوص بن إرم بن نوح عليه السلام. ذكره ابن جرير.
وكان من قبيلة يقال لهم: عاد بن عوص بن سام بن نوح، وكانوا عرباً يسكنون الأحقاف ـ وهي جبال الرمل ـ وكانت باليمين بن عمان وحضر موت، بأرض مطلة على البحر، يقال لها: "الشحر"، واسم واديهم: "مغيث".
وكانوا كثيراً ما يسكنون الخيام ذوات الأعمدة الضخام، كما قال تعالى:
{ألم تر كيف فعل ربك بعاد * إرم ذات العماد} (سورة الفجر:6ـ7)
أي: عاد إرم وهم عاد الأولى، وأما عاد الثانية فمتأخرة كما سيأتي بيان ذلك في موضعه. وأما عاد الأولى فهم عاد
{إرم ذات العماد * التي لم يخلق مثلها في البلاد} (سورة الفجر:7ـCool
أي: مثل القبيلة، وقيل مثل العمد، والصحيح الأول، كما بيناه في التفسير.
ومن زعم أن "إرم" مدينة تدور في الأرض، فتارة في الشام، وتارة في اليمن، وتارة في الحجاز، وتارة في غيرها، فقد أبعد النجعة، وقال ما لا دليل عليه، ولا برهان يعول عليه، ولا مستند يركن إليه. وفي صحيح ابن حبان عن أبي ذر في حديثه الطويل في ذكر الأنبياء والمرسلين قال فيه: "منهم أربعة من العرب: هود، وصالح، وشعيب، ونبيك يا أبا ذر".
ويقال: إن هوداً عليه السلام أول من تكلم بالعربية، وزعم وهب بن منبه أن أباه أول من تكلم بها، وقال غيره: أول من تكلم بها نوح، وقيل: آدم الأشبه، وقيل غير ذلك. والله أعلم. ويقال للعرب الذين كانوا قبل إسماعيل عليه السلام: العرب العاربة، وهم قبائل كثيرة منهم عاد، وثمود، وجرهم، وطسم، وأميم، ومدين، وعملاق، وعبيل، وجاسم، وقحطان، وبنو يقطن، وغيرهم.
وأما العرب المستعربة: فهم ولد إسماعيل بن إبراهيم الخليل، وكان إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام أول من تكلم بالعربية الفصيحة البليغة، وكان قد أخذ كلام العرب من جرهم الذين نزلوا عند أمة هاجر بالحرم كما سيأتي بيانه في موضعه إن شاء الله، ولكن أنطقه الله بها في غاية الفصاحة والبيان، وكذلك كان يتلفظ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والمقصود أن عاداً ـ وهم عاد الأولى ـ كانوا أول من عبد الأصنام بعد الطوفان وكانت أصنامهم ثلاثة: صمدا، وصمود، وهرا. فبعث الله فيهم أخاهم هوداً عليه السلام فدعاهم إلي الله. وذلك بين في قوله لهم:
{واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قومٍ نوحٍ وزادكم في الخلق بسطة} (سورة الأعراف:96)
أي: جعلهم أشد أهل زمانهم في الخلقة والشدة والبطش. وقال في "المؤمنون"
{ثم أنشأنا من بعدهم قرنا آخرين} (سورة الآية:31)
وهم قوم هود على الصحيح. وزعم آخرون أنهم ثمود لقوله:
{فأخذتهم الصيحة بالحق فجعلناهم غثاء} (سورة المؤمنون:41)
قالوا: وقوم صالح هم الذين أهلكوا بالصيحة
{وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية} (سورة الحاقة:6)
وهذا الذي قالوه لا يمنع من اجتماع الصيحة والرياح العاتية عليهم؛ كما سيأتي في قصة أهل مدين أصحاب الأيكة، فإنه اجتمع عليهم أنواع من العقوبات، ثم لا خوف أن عاداً قبل ثمود. والمقصود أن عاداً كانوا عرباً جفاة كافرين، متمردين عتاة في عبادة الأصنام، فأرسل الله فيهم رجلاً منهم يدعوهم إلي الله وإلي إفراده بالعبادة والإخلاص له، فكذبوه وخالفوه وتنقصوه؛ فأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر.
فلما أمرهم بعبادة الله ورغبهم في طاعته واستغفاره، ووعدهم على ذلك خير الدنيا والآخرة، وتوعدهم على مخالفة ذلك عقوبة الدنيا والآخرة:
{قال الملأ الذين كفروا من قومه إنا لنراك في سفاهة} (سورة الأعراف:66)
أي: هذا الأمر الذي تدعونا إليه سفه بالنسبة إلي ما نحن عليه من عبادة هذه الأصنام التي يرتجي منها النصر والرزق، ومع هذا نظن أنك تكذب في دعواك أن الله أرسلك.
{قال يا قوم ليس بي سفاهة ولكني رسول من رب العالمين} (سورة الأعراف:67)
أي: ليس الأمر كما تظنون ولا كما تعتقدون
{أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح آمين} (سورة الأعراف:68)
والبلاغ يستلزم هدم الكذب في أصل المبلغ، وعدم الزيادة فيه والنقص منه، ويستلزم أداءه بعبارة فصيحة وجيزة جامعة مانعة لا لبس فيها ولا اختلاف ولا اضطراب.
وهو مع هذا البلاغ على هذه الصفة في غاية النصح لقومه، والشفقة عليهم، والحرص على هدايتهم، لا يبتغي منهم أجراً، ولا يطلب منهم جعلاً، بل هو مخلص لله عز وجل في الدعوة إليه والنصح لخلقه، لا يطلب أجره إلا من الذي أرسله، فإن خير الدنيا والآخرة كله في يديه وأمره إليه، ولهذا قال:
{يا قوم لا أسألكم عليه أجراً إن أجري إلا على الذي فطرني، أفلا تعقلون} (سورة هود:51)
أي: أما لكم عقل تميزون به وتفهمون أني أدعوكم إلي الحق المبين الذي تشهد به فطرتكم التي خلقتم عليها، وهو دين الحق الذي بعث الله به نوحاً، وأهلك من خالفه من الخلق، وهاأنا أدعوكم إليه لا أسألكم عليه، بل ابتغي ذلك من عند الله مالك الضر والنفع، ولهذا قال مؤمن "يس":
{اتبعوا من لا يسألكم أجراً وهم مهتدون * ومالي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون} (سورة يس:21ـ22)
وقال قوم هود له فيما قالوا:
{يا هود ما جئتنا ببينة وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك وما نحن لك بمؤمنين * إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوءٍ} (سورة هود:53ـ54)
يقولون: ما جئتنا بخارق يشهد لك بصدق ما جئت به، وما نحن بالذين نترك عبادة أصنامنا عن مجرد قولك بلا دليل أقمته ولا برهان نصبته، وما نظن إلا أنك مجنون فيما تزعمه، وعندنا إنما أصابك هذا لأن بعض آلهتنا غضب عليك، فأصابك في عقلك فاعتراك جنون بسبب ذلك، وهو قولهم:
{إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء} (سورة هود:54)
{قال إني أشهد الله واشهدوا أني برئ مما تشركون * من دونه، فيكدوني جميعاً ثم لا تنظرون} (سورة هود:54ـ55)
وهذا تحد منه لهم، وتبرؤ من آلهتهم، وتنقص منه لها، وبيان أنها لا تنفع شيئاً ولا تضر، وأنها جماد حكمها حكمه وفعلها فعله، فإن كانت كما تزعمون من أنها تنصر، وتنفع، وتضر، فها أنا إذاً برئ منها لاعن لها، فكيدوني أنتم وهي جميعاً بجميع ما يمكنكم أن تصلوا إليه وتقدروا عليه، ولا تؤخروني ساعة واحدة ولا طرفة عين؛ فإني لا أبالي بكم، ولا أفكر فيكم، ولا انظر إليكم.
{إني توكلت على الله ربي وربكم، ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها، إن ربي على صراط مستقيم} (سورة هود:56)
أي: أنا متوكل على الله ومتأيد به، وواثق بجانبه الذي لا يضيع من لاذ به واستند إليه، فلست أبالي مخلوقاً سواه، ليست أتوكل إلا عليه، ولا أعبد إلا إياه. وهذا وحده برهان قاطع على أن هوداً عبد الله ورسوله، وأنهم على جهل وضلال في عبادتهم غير الله، لأنهم لم يصلوا إليه بسوء، ولا نالوا منه مكروهاً؛ فدل على صدقه فيما جاءهم به، وبطلان ما هم عليه، وفساد ما ذهبوا إليه.
وهذا الدليل بعينه قد استدل به نوح عليه السلام قبله في قوله:
{يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلي ولا تنظرون} (سورة يونس:71)
{ولا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربي شيئاً، وسع ربي كل شيء علماً، أفلا تتذكرون * وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطانا فأي الفريقين أحق بالأمن، إن كنتم تعلمون * الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن، وهم مهتدون * وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه، نرفع درجات من نشاء، إن ربك حكيم عليم} (سورة الأنعام:80ـ83)

قال الملأ من قومه الذين كفروا وكذبوا بلقاء الآخرة وأترفناهم في الحياة الدنيا ما هذا إلا بشر مثلكم يأكل مما تأكلون منه ويشرب مما تشربون * ولئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون * أيعدكم إذا متم وكنتم تراباً وعظاماً أنكم مخرجون} (سورة المؤمنون:33ـ53)
استبعدوا أن يبعث الله رسولاً بشرياً، وهذه الشبهة أدلى بها كثير من جهلة الكفرة قديماً وحديثاً، كما قال تعالى:
{أكان للناس عجباً أن أوحينا منهم أن أنذر الناس} (سورة يونس:2)
وقال تعالى:
{وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث الله بشراً رسولاً * قال لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكاً رسولاً} (سورة الإسراء:94ـ95)
ولهذا قال لهم هود عليه السلام:
{أو عجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجلٍ منكم لينذركم} (سورة الأعراف:69)
أي: ليس هذا بعجيب؛ فإن الله أعلم حيث يجعل رسالاته. وقوله:
{أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم تراباً عظاماً أنكم مخرجون * هيهات هيهات لما توعدون * إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين * إن هو إلا رجل افترى على الله كذبا وما نحن له بمؤمنين * قال رب انصرني بما كذبون} (سورة المؤمنون:35ـ39)
استبعدوا المعاد وأنكروا قيام الأجساد بعد صيرورتها تراباً وعظاماً، وقالوا: هيهات هيهات، أي: بعيد بعيد هذا الوعد، (إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين). أي: يموت قوم ويحيا آخرون؛ وهذا هو اعتقاد الدهرية، كما يقول بعض الجهلة من الزنادقة: أرحام تدفع وأرض تبلع.
وأما الدورية فهم الذين يعتقدون أنهم يعودون إلي هذه الدار بعد كل ستة وثلاثين ألف سنة، وهذا كله كذب وكفر وجهل وضلال، وأقوال باطلة وخيال فاسد بلا برهان ولا دليل يستميل عقل الفجرة الكفرة من بني آدم الذين لا يعقلون لا يهتدون، كما قال تعالى:
{ولتصغي إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون} (سورة الأنعام:113)
وقال لهم فيما وعظهم به:
{أتبنون بكل ريع آية تعبثون * وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون} (سورة الشعراء:128ـ129)
يقول لهم: أتبنون بكل ريع آية تعبثون؛ مكان مرتفع بناء عظيم هائل كالقصور ونحوها، تعبثون ببنائها لأنه لا حاجة لكم فيه، وما ذاك إلا لأنهم كانوا يسكنون الخيام، كما قال تعالى:
{ألم تر كيف فعل ربك بعاد * إرم ذات العماد * التي لم يخلق مثلها في البلاد} (سورة الفجر:6ـ
فعاد إرم هم عاد الأولى الذين كانوا يصنعون الأعمدة التي تحمل الخيام التي يسكنونها. ومن زعم أن "إرم" مدينة من ذهب وفضة وهي تنتقل في البلاد، فقد غلط وأخطأ، وقال ما لا دليل عليه. وقوله: (وتتخذون مصانع) قيل: هي القصور، وقيل: بروج الحمام، وقيل مآخذ الماء، (لعلكم تخلدون) أي: رجاء منكم أن تعمروا في هذه الدار أعماراً طويلة.
{وإذا بطشتم بطشتم جبارين * فاتقوا الله وأطيعون * واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون * أمدكم بأنعام وبنين * إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم} (سورة الشعراء:130ـ135)
وقالوا له مما قالوا:
{أجئتنا لنعبد الله وحده ونذر ما كان يعبد آباؤنا، فأننا بما تعدنا إن كنت من الصادقين} (سورة الأعراف:70)
أي: أجئتنا لنعبد الله وحده، ونخالف آباءنا وأسلافنا وما كانوا عليه؟ فإن كنت صادقا فيما جئت به فأتنا بما تعدنا من العذاب والنكال فإنا لا نؤمن بك ولا نتبعك ولا نصدقك.
كما قالوا:
{سواء علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين * إن هذا إلا خلق الأولين * وما نحن بمعذبين} (سورة الشعراء:136ـ137)
إما على قراءة فتح الخاء، فالمراد به اختلاق الأولين، أي: إن هذا الذي جئت به إلا اختلاف منك، أخذته من كتب الأولين، وهكذا فسره غير واحد من الصحابة والتابعين، وإما على قراءة ضم الخاء اللام، فالمراد به الدين، أي: إن هذا الدين الذي نحن عليه ما هو إلا دين الأولين الآباء والأجداد من الأسلاف، ولن نتحول عنه ولا نتغير، ولا نزال متمسكين به.
ويناسب كلتا القراءتين الأولى والثانية قولهم: (وما نحن بمعذبين). قال:
{وقد وقع عليكم من ربكم رجس وغضب، أتجادلونني في أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما نزل الله بها من سلطان، فانتظروا إني معكم من المنتظرين} (سورة الأعراف:71)
أي: قد استحققتم بهذه المقالة الرجس والغضب من الله، أتعارضون عبادة الله وحده لا شريك له بعبادة أصنام نحتموها وسميتموها آلهة من تلقاء أنفسكم؟ اصطلحتم عليها أنتم وآباؤكم، ما نزل الله بها من سلطان، أي: لم ينزل على ما ذهبتم إليه دليلاً ولا برهاناً، وإذ أبيتم قبول الحق وتماديتم في الباطل، سواء عليكم أنهيتكم عما أنتم فيه أم لا، فانتظروا الآن عذاب الله الواقع بكم، وبأسه الذي لا يرد، ونكاله الذي لا يصد.
وقال تعالى:
{قال رب انصرني بما كذبون * قال عما قليل ليصبحن نادمين * فأخذتهم الصيحة بالحق فجعلناهم غثاء، فبعداً للقوم الظالمين} (سورة المؤمنون:39ـ41)
وقال تعالى:
{قالوا أجئتنا لتأفكنا عن آلهتنا فأننا بما تعدنا إن كنت من الصادقين * قال إنما العلم عند الله وأبلغكم ما أرسلت به ولكني أراكم قوم تجهلون * فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم * تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم، كذلك نجزي القوم المجرمين} (سورة الأحقاف:22ـ25)
وقد ذكر الله تعالى خبر إهلاكهم في غير ما آية كما تقدم مجملاً ومفصلاً، وكقوله:
{فأنجيناه والذين معه برحمة منا وقطعنا دابر الذين كذبوا بآياتنا، وما كانوا مؤمنين} (سورة الأعراف:72)
وكقوله:
{ولما جاء أمرنا نجينا هوداً والذين معه برحمة منا ونجيناهم من عذاب غليظ * وتلك عاد، جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسله واتبعوا أمر كل جبار عنيد * واتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة، ألا إن عاداً كفروا ربهم ألا بعداً لعاد قوم هود} (سورة هود:58ـ60)
وكقوله:
{فأخذتهم الصيحة بالحق فجعلناهم غثاءً، فبعداً للقوم الظالمين} (سورة المؤمنون:41)
وقال تعالى:
{فكذبوه فأهلكناهم، إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم} (سورة الشعراء:139ـ140)
وأما تفصيل إهلاكهم فكما قال تعالى:
{فلما رأوه عارضاً مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم} (سورة الأحقاف:24)
كان هذا أول ما ابتدأهم العذاب، أنهم كانوا ممحين مسنتين، فطلبوا السقيا؛ فرأوا عارضاً من السماء وظنوه سقيا رحمة، فإذا هو سقيا عذاب، ولهذا قال تعالى: (بل هو ما استعجلتم به) أي: من وقوع العذاب، وهو قولهم: (فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين)، ومثلها في الأعراف.

وقد ذكر المفسرون وغيرهم هاهنا الخبر الذي ذكره الإمام محمد بن إسحاق بن يسار قال: فلما أبوا إلا الكفر بالله عز وجل، أمسك عنهم القطر ثلاث سنين، حتى جهدهم ذلك، قال وكان الناس إذا جهدهم أمر في ذلك الزمان فطلبوا من الله الفرج منه إنما يطلبونه بحرمة ومكان بيته، وكان معروفاً عند أهل ذلك الزمان، وبه العماليق مقيمون، وهم من سلالة عمليق بن لاوذ بن سام بن نوح، وكان سيدهم إذ ذاك رجلاً يقال له معاوية بن بكر، وكانت أمة من قوم عاد واسمها جلهذه ابنة الخيبري.
قال: فبعث عاد وفداً قريباً من سبعين رجلاً ليستسقوا لهم عند الحرم، فمروا بمعاوية ابن بكر بظاهر مكة، فنزلوا عليه فأقاموا عنده شهراً، يشربون الخمر، وتغنيهم الجرادتان، قينتان لمعاوية، وكانوا قد وصلوا إليه في شهر.
فلما طال مقامهم عنده، وأخذته شفقة على قومه واستحيا منهم أن يأمرهم بالانصراف، عمل شعراً يعرض لهم فيه بالانصراف، وأمر القينتين أن تغنيهم به فقال:

ألا يا قيل ويحك وقم فهبنم فيسقي أرض عاد إن عادا من العطش الشديد فليس نرجو وقد كانت نساؤهم بخير وإن الوحش يأتيهم جهاراً وأنتم هاهنا فيما اشتهيتم فقبح وفدكم من وفد قوم لعل الله يصحبنا غماما قد أمسوا لا يبينون الكلاما به الشيخ الكبير ولا الغلاما فقد أمست نساؤهم أيامي ولا يخشى لعاد سهاماً نهاركم وليلكم تماما ولا لقوا التحية والسلاما

قال فعند ذلك تنبه القوم لما جاءوا له، فنهضوا إلي الحرم ودعوا لقومهم، فدعا داعيهم، وهو قيل بن عتر، فأنشأ الله سحابات ثلاث: بيضاء، وحمراء، وسوداء، ثم ناداه مناد من السماء اختر لنفسك أو لقومك من هذا السحاب، فقال: اخترت السحابة السوداء فإنها أكثر السحاب ماء، فناداه مناد: اخترت رماد رمدداً لا تبقى من عاد أحداً، لا والداً تترك ولا ولداً، إلا جعلته همداً؛ إلا بني اللوذية الهمدا قال: وهم بطن من عاد كانوا مقيمين بمكة، فلم يصبهم ما أصاب قومهم. قال: ومن بقى من أنسابهم وأعقابهم هم عاد الآخرة.
قال: وساق الله السحابة السوداء التي اختارها قيل بن عتر بما فيها من النقمة إلي عاد حتى تخرج عليهم من واد يقال له المغيث، فلما رأوها استبشروا، وقالوا: هذا عارض ممطرنا فيقول تعالى:
{هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم * تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم، كذلك نجزي القوم المجرمين} (سورة الأحقاف:22ـ25)
فكان أول من أبصر ما فيها وعرف أنها ريح فيما يذكرون امرأة من عاد يقال لها: "مهد" فلما تبينت ما فيها صاحت ثم صعقت، فلما أفاقت قالوا: ما رأيت يا مهد؟ قالت: ريحاً فيها كشهب النار أمامها رجال يقودونها. فسخرها الله عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوماً، والحسوم: الدائمة، فلم تدع من عاد أحداً إلا هلك.
قال: واعتزل هود عليه السلام ـ فيما ذكر لي ـ في حظيرة هو ومن معه من المؤمنين ما يصيبهم إلا ما تلين عليهم الجلود، وتلذ الأنفس، وإنها لتمر على عاد بالظعن فيما بين السماء والأرض، وتدمغهم بالحجارة، وذكر تمام القصة.
وقد روي الإمام احمد حديثاً في مسنده يشبه هذه القصة فقال: حدثنا زيد بن الحباب حدثني أبو المنذر سلام بن سليمان النحوي، حدثنا عاصم بن أبي النجود، عن أبي وائل، عن الحارث ـ وهو ابن حسان ـ ويقال ابن يزيد البكري، قال: خرجت أشكو العلاء بن الحضرمي إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فمررت بالربذة، فإذا عجوز من بني تميم منقطع بها، فقال لي: يا عبد الله إن لي إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجة، فهل أنت مبلغي إليه؟
قال: فحملتها، فأتيت المدينة، فإذا المسجد غاص بأهله، وإذا راية سوداء تخفق وإذا بلال متقلد السيف بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: ما شأن الناس؟ قالوا: يريد أن يبعث عمرو بن العاص وجهاً.
قال: فجلست، قال: فدخل منزله ـ أو قال رحله ـ فاستأذنت عليه فأذن لي، فدخلت فسلمت، فقال: "هل كان بينكم وبين بني تميم شيء؟" فقلت: نعم، وكانت لنا الدائرة عليهم، ومررت بعجوز من بني تميم منقطع بها، فسألتني أن أحملها إليك وهاهي بالباب، فأذن لها فدخلت، فقلت: يا رسول الله، إن رأيت أن تجعل بيننا وبين بني تميم حاجزاً، فاجعل الدهناء، فحميت العجوز واستوفزت، وقالت: يا رسول الله فإلي أين تضطر مضطرك؟ قال فقلت: إن مثلي ما قال الأول: معزى حملت حتفها، حملت هذه الأمة ولا أشعر أنها كانت لي خصماً، أعوذ بالله ورسوله أن أكون كوافد عاد، قال: هيه وما وافد عاد؟ وهو أعلم بالحديث مني ولكن يستطعمه.
قلت: إن عاداً قحطوا فبعثوا وافداً لهم يقال له: قيل، فمر بمعاوية بن بكر فأقام عنده شهراً يسقيه الخمر وتغنيه جاريتان يقال لهما: الجرادتان، فلما مضى الشهر خرج إلي جبل تهامة، قال: اللهم إنك تعلم أني لم أجئ إلي مريض فأداويه، ولا إلي أسير فأفاديه، اللهم أسق عاداً ما كنت تسقيه. فمرت به سحابات سود فنودي منها: اختر، فأومأ إلي سحابة منها سوداء فنودي: خدها رماداً رمدداً، لا تبقى من عاد أحداً، قال: فما بلغني أنه بعث عليهم من الريح إلا كقدر ما تجري في خاتمي هذا من الريح حتى هلكوا.
"قد أفلح المؤمنون"، والله أعلم.
منقول عن موسوعة المورد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://tarma.yoo7.com
 
قصة هود علية السلام
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» طعن الشيعة فى النبى علية الصلاة والسلام
» السلام عليكم
» تهنئة الى الاخت بغداد دار السلام
» السلام عليكم ورحمة الله
» إلى محبي دار السلام بغداد الرشيد

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات تارما :: الساحة الاسلامية-
انتقل الى: