كيف نحيا مع أولادنا في رمضان
د. حمدي شعيب
"مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الَجنَّةَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ؛ قَالَتِ الَجنَّةُ: اللَّهُمَّ أَدْخِلْهُ الَجنَّة، وَمَنِ اسْتَجَارَ مِنَ النَّارِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ قَالَتِ النَّارُ: اللَّهُمَّ أَجِرْهُ مِنَ النَّارِ" .
هكذا المسلم دوماً؛ لا ينسى غايته وهدفه العظيم؛ وهو النجاة من النار، والفوز بفردوس الجنة. ويسير خلال رحلته الحياتية نحو هذا الهدف؛ على محورين رئيسين عمليين:
الأول: محور التغيير النفسي والتنمية الذاتية؛ فيرقى بنفسه، نحو الأفضل والأسمى والأقوم.
الثاني: محور التأثير في الآخرين حوله؛ فيدعوهم للخير والنمو والتطوير، نحو الأصلح لهم. ولا شك أن من أولويات الآخرين العشيرة الأقربين، ثم من أقرب الأقربين؛ الأهل والأبناء.
ما المنهجية الرمضانية التربوية؟
ونقصد بها الطرق والوسائل والآليات العملية؛ أو المنهجية التربوية البنائية العملية؛ في كيفية استقبال، واستغلال شهر الصوم الكريم.
وكيف نعايش معاني الصوم ذهنياً؟
وكيف تطبقها أسرنا عملياً؟
وكيف يجتهد كل فرد في الأسرة في فتح أبواب للخير، وبالتالي غلق أبواب للشر؟
وكيف نرقى بأنفسنا وأولادنا وأزواجنا روحياً؟ ويرى الله - عز وجل - منا قوة، واجتهاداً، وحسن أخذ بالأسباب؛ فنرجوه أن نكون من الفائزين ليس في رمضان فقط؛ بل ومن الرابحين في الدنيا والآخرة؛ بعونه - تعالى -.
وتتلخص هذه (المنهجية الرمضانية التربوية) في:
أولاً: حفل استقبال الضيف الكريم:
تحت شعار: (جَاءَكُمْ رَمَضَانُ) "عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: لَمَّا حَضَرَ رَمَضَانُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: قَدْ جَاءَكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَيُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ وَتُغَلُّ فِيهِ الشَّيَاطِينُ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا قَدْ حُرِمَ..." الحديث .
فماذا عن هذه الاحتفالية؟
1 - هي عبارة عن اجتماع يعقد قبل رمضان بأيام؛ تلتقي فيه الأسرة؛ لوضع (برنامج رمضان).
2 - كل فرد يعطي رأيه في كيفية الترحيب بهذا الضيف العزيز.
3 - الصغير يقول رأيه مثله مثل الكبير، ويُحترم رأيه.
4 - تسجل كل الاقتراحات.
5 - كل صاحب اقتراح يعتبر مسؤولاً عن كيفية تنفيذ اقتراحه ومتابعته، ثم تقييمه في حفل الوداع.
ثانياً: استعداد القدوة:
وهو أن يرى الأبناء والديهم يستعدان استعداداً روحياً خاصاً؛ ويحتفيان بقدوم الضيف المبارك؛ مثل:
1 - تحديد هدف معين وغاية يُرَكَّز عليها لرمضان هذا العام.
2 - وضع جدول زمني تنازلي يوماًً بيوم في شعبان، للاستعداد حتى وصول رمضان الكريم.
3 - التقليل قدر الإمكان من الحديث عن مستلزمات رمضان المادية من أكل وشراب.
4 - البعد عن الإغراق في المباحات.
5 - تجنب الارتباط بمشاهدة التمثيليات، والوجود في مواطن اللهو والشبهات.
ثالثاً: برنامج رمضان:
الهدف العام أو (شعار قمة الجبل):
ونقصد به الهدف العام والغاية الكبرى؛ التي ترجوها الأسرة من شهر رمضان.
فيمثل المحور؛ الذي يمكن للأسرة كلها أن تدور به ومعه وحوله.
أو العمود الفقري؛ لكل أبواب الخير الرمضانية العامة والخاصة، لطاعات أفراد الأسرة في رمضان.
فتتفق الأسرة في اجتماع (جاءكم رمضان) على اختيار هذا الشعار، الذي يلخص الترجمة العملية لآية أو حديث أو قيمة رفيعة، تتبناها الأسرة.
ويوضع أمام كل فرد من أفراد الأسرة، وكأنه منارة أو شعار على قمة جبل؛ فيرنو إليه الجميع في كل حركة وكل سكنة، وكل فعل وكل قول؛ وينام فيحلم به، ويستيقظ عليه؛ فيوجه نيته، ويجددها في كل وقت.
ويتخذه الجميع دعاءً ثابتاً وموحداً؛ تلهج به الألسن، وتحياه القلوب، وتتأمله العقول، وتعايشه النفوس.
ويكتب في كل مكان؛ على حوائط كل غرفة، وعلى المكاتب، وفي المطبخ، وعلى الباب، وفي المصعد، وعلى مدخل المنزل، وفي السيارة، حتى في أماكن العمل.
ومن الشعارات المقترحة
1 - قبل رمضان: (اللهم بلغنا رمضان) أو (اللهم اجعلنا من الذين يصومونه ويقومونه إيماناً واحتساباً):
"مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ".
و"مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ" .
2 - اللهم إنا نسألك رضاك والجنة، ونعوذ بك من سخطك والنار: "إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ".
"إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ".
3 - (اللهم الفردوس الأعلى): "مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَصَامَ رَمَضَانَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ جَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ جَلَسَ فِي أَرْضِهِ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا. فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلا نُبَشِّرُ النَّاسَ؟. قَالَ: إِنَّ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَأَعْلَى الْجَنَّةِ أُرَاهُ فَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ عَنْ أَبِيهِ وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَن".
4 - اللهم بلغنا ليلة القدر، واجعلنا من الذين يقومونها إيماناً واحتساباً: "مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"
5 - الثلث الأول من رمضان: اللهم إنا نسألك الرحمة: "إِذَا كَانَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ".
6 - الثلث الأوسط من رمضان: اللهم إنا نسألك المغفرة: كما سبق في أدلة الشعار الأول: من صام أو قام رمضان إيماناً واحتساباً؛ وأيضاً كما في دليل الشعار الرابع: من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه.
7 - الثلث الأخير من رمضان: اللهم إنا نسألك العتق من النار: "إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ وَيُنَادِي مُنَادٍ يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ" .
8 - اللهم إنا نسألك الشهادة في سبيلك: "مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ بَلَّغَهُ اللَّهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ" .
9 - اللهم احشرنا في زمرة الغزاة المجاهدين: "مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَدْ غَزَا وَمَنْ خَلَفَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِخَيْرٍ فَقَدْ غَزَا".
10 - اللهم الولد الصالح للعبد الصالح: "أو وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ".
11 - اللهم المال الصالح للعبد الصالح: عن عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ يَقُولُ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "يَا عَمْرُو اشْدُدْ عَلَيْكَ سِلاحَكَ وَثِيَابَكَ وَأْتِنِي. فَفَعَلْتُ فَجِئْتُهُ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ فَصَعَّدَ فِيَّ الْبَصَرَ وَصَوَّبَهُ وَقَالَ: يَا عَمْرُو إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَبْعَثَكَ وَجْهًا فَيُسَلِّمَكَ اللَّهُ وَيُغْنِمَكَ وَأَرْغَبُ لَكَ مِنَ الْمَالِ رَغْبَةً صَالِحَةً. قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَمْ أُسْلِمْ رَغْبَةً فِي الْمَالِ إِنَّمَا أَسْلَمْتُ رَغْبَةً فِي الْجِهَادِ وَالْكَيْنُونَةِ مَعَكَ. قَالَ: يَا عَمْرُو نَعِمَّا بِالْمَالِ الصَّالِحِ لِلرَّجُلِ الصَّالِحِ". قَالَ كَذَا فِي النُّسْخَةِ نَعِمَّا بِنَصْبِ النُّونِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ بِكَسْرِ النُّونِ وَالْعَيْنِ .
12 - اللهم اجعلنا للمتقين إماما: والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما (74) (الفرقان).
منقول من موقع رمضانيات للشيخ المنجد