السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أن سألت عن أرضها وتربتها, فهي المسك والزعفران, وإن سألت عن سقفها فهو عرش الرحمن, وإن
سألت عن بنائها, فلبنة من فضه ولبنة من ذهب, فيها غرف يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من
ظاهرها, للمؤمن فيها خيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة طولها ستون ميلاً....
وإن سألت عن أنهارها ففيها أنهار من ماء غير آسن, أي لم يتغير, وأنهار من لبن لم يتغير طعمه
بحموضة, ولا فساد, وأنهار من خمر لذة للشاربين, لا يصدع الرؤوس, ولا يزيل العقول, وأنهار من
عسل مصفى, تجري هذه الأنهار من غير حفر ولا إقامة أخدود.
لهم فيها أزواج مطهرة من الحيض والنفاس, قال الرسول صلى الله عليه وسلم:"إن في الجنة لمجمعاً
للحور العين يغنين بأصوات لم يسمع الخلائق بمثلها, يقلن نحن الخالدات فلا نبيد, ونحن الناعمات فلا
نيأس, ونحن الراضيات فلا نسخط طوبى لمن كان لنا وكنا له". رواة الترمذي.
فيها ما تشتهيه الأنفس, وتلذ الأعين, هم فيها خالدون, ينادي مناد آن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبداً,
وآن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبداً,آن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبداً, وفوق ذلك كله ما يحصل لهم من
النعيم برؤية ربهم البر الرحيم.
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:"إن الله يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة. فيقولون:لبيك ربنا
وسعديك, والخير كله في يديك, فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون: ومالنا لا نرضى يارب وقد أعطيتنا ما
لم تعط أحداً من خلقك, فيقول: ألا أعطيكم أفضل من ذلك, فيقولون يارب: وأي شيء أفضل من ذلك؟
فيقول: أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبداً". رواه مسلم.
[إبن القيم]