من أدب المكبرين ... ؟!

محاولات أدبية .. قصص قصيرة !

(1) حوارية المطر والخطر !
الليل حالك .. والمطر ينهمر بغزارة ... !
الرياح القوية تقتلع سقوف خيام اللاجئين المكونة من الطرابيل الزرقاء الممزقة !!
أكثر نزلاء هذا المخيم لم يتناولوا بعد طعام الغداء .. هم الآن ينتظرون من يأتيهم بما يسد الرمق ..
هم كثير – مايقارب العشرين ألف لاجئ في هذا المخيم – ولكنهم متضامنون !
ويعيشون كأسرة واحدة !
لقد وحدتهم المأساة وجمعتهم المعاناة !
القصف الجوي بالطائرات الحربية والدبابات والمدفعية لم يتوقف على المناطق والجبال القريبة من هذا المخيم !
أصوات طلقات تلك الآلات الحربية ، تختلط بأصوات الصواعق الرعدية والبروق !!

الطفل الصغير يصيح :
- أمي : أنا أرتعش من شدة الخوف ؟!
- لاتخف يا ولدي .. أنت رجل .. والرجال لا يخافون !
- ولكن يا أمي أنا أرتعش أيضاً من شدة الجوع !!
- إصبر قليلاً يا بني لقد ذهب أخوك مع بعض الأولاد ليحضروا لنا بعض الخبز من المناطق المجاورة !
- أمي : أنا أرتعش من شدة البرد .. الماء يهطل على رؤوسنا .. والطربال الذي يغطي خيمتنا أخذت الرياح نصفه ، والنصف الآخر فيه أخزاق بعدد أشقائي وأصدقائي !
- لا تقلق يا صغيري بعد قليل سيتوقف المطر .. المطر نعمة من الله .. نحن في فصل الصيف !!
- وما هو الصيف يا أمي ؟
- الصيف يا ولدي هو موسم المطر والخير عند كل الناس ...
ولكنه عندنا موسم المطر والخطر ... !!!
- أمي أليس المطر يأتينا بسيلٍ من الماء ؟
- نعم يا بني ، وكذلك الخطر يأتينا بسيلٍ من الدماء !
- لم تخبريني يا أمي : ما هو الخطر ؟!
- الخطر : هو الذي أخرجنا من بيوتنا إلى هذا المخيم .. وهو الذي فرق بيننا وبين والدك وشقيقك الأكبر !!!
- نعم يا أمي .. أين أبي وشقيقي الأكبر ؟
- أبوك يا صغيري يحمي منزلنا ومزرعتنا من خطر النهب والسلب الجاري هناك في مدينتنا الريفية !
وشقيقك الأكبر في تلك الجبال البعيدة .. هرب من خطر الذين يطاردونه ويريدون أن يقتلوه ؟!!
- من هم هاؤلاء الذين يريدون أن يقتلوه يا أمي ؟!
- إنهم عساكر الرئيس والبشمركة !!!
- ولماذا يريدون أن يقتلوه ؟
- لأنه لعن اليهود والنصارى .. ورفض أن يكون عبداً .. وأبى إلا أن يكون حراً !!
- ومن هم اليهود والنصارى يا أمي ، هل هم من المسلمين ؟
- لا يا بني .. اليهود والنصارى هم أعداء المسلمين ، وهم من لعنهم الله في القرآن ولعنهم أنبيائه عليهم الصلاة والسلام !!!
- إذاً لماذا يريدون أن يقتلوا أخي من أجل هاؤلاء الملاعين !
هل هاؤلاء اليهود والنصارى هم أخوال الرئيس أو أولاد عم البشمركة ؟!!
- لايا ولدي ليسوا أقربائهم .. إنما هم أسيادهم !!!
- لم أفهم .. ما معنى ذلك يا أمي ؟
- معناه يا صغيري أن الأسياد الذين يصدرون الأوامر هم اليهود والنصارى ، والخدم والعبيد الذين ينفذون تلك الأوامر هم :
( الرئيس والجيش والبشمركة ) !!

أخذ الطفل يلهو بهذه الكلمات :
( الرئيس .. الجيش .. البشمركة ) !
توقف المطر .. وتثائب الطفل .. وارتمى بين أحضان أمه .. وغط في نوم عميق ، رغم الخوف والجوع والبرد الذي يتجاذب جسمه الصغير !!
لكنه ظل يردد في نومه :
( الرئيس .. الجيش .. البشمركة ) !!!

أجل توقف المطر ... ولازال الخطر ... !